مع استمرار القمع العنيف في سوريا أظهر الرئيس الأسد أن اهتمامه بالتشبث بسلطته أكثر من اهتمامه بشعبه.
لقد انضم المجتمع الدولي إلى السوريين في حزنهم على موت الكثيرين من الناس الأبرياء بمن فيهم الصبي البالغ من العمر 13 عاما الذي عذب بوحشية وشوه. فقد بلغ عدد القتلى منذ بدء الاحتجاجات ما يقدر بنحو ألف وثلاثمائة سوري. وتم حبس عدة آلاف وتعرضوا لسوء المعاملة. وطوقت قوات الأمن السورية المجتمعات الأهلية وقطعت عنها الكهرباء والاتصالات والإنترنت. وتباطأ النشاط الاقتصادي وأصبحت البلاد تعاني عزلة متزايدة، بينما يتزايد شعور المواطنين بالإحباط وخيبة الأمل يوميا.
وقد ردد الرئيس أوباما في خطابه الذي ألقاه يوم 19 مايو (أيار) مطالب المتظاهرين الأساسية المشروعة، وهي أن على حكومة الأسد أن تكف عن إطلاق النار على المتظاهرين، وأن تسمح بالاحتجاج السلمي، وتطلق سراح السجناء السياسيين، وأن تتوقف عن الاعتقالات المجحفة، وتمكن العاملين على رصد الحقوق الإنسانية من الوصول، وأن تبدأ حوارا شاملا لدفع عجلة التقدم إلى التحول الديمقراطي. وبإمكان الرئيس الأسد أن يختار إما أن يقود عملية الانتقال وإما أن يتنحى ويخلي لها السبيل.
ومن الواضح بشكل متزايد أن الرئيس الأسد قد اتخذ خياره. ولكن بينما قد يمكنه استمرار الوحشية من تأخير التغيير الجاري في سوريا، إلا أنه لن يعكسه عن مجراه.
إن علينا في الوقت الذي يستجيب فيه جيران سوريا والمجتمع الدولي لهذه الأزمة، أن نسترشد بالإجابات عن عدد من التساؤلات المهمة وهي: لماذا ثارت؟ وما الذي تكشفه التدابير الصارمة عن الرئيس الأسد ونظامه؟ وإلى أين تتجه سوريا من هنا؟
أولا، ينبغي ألا يكون هناك أي شكل في طبيعة الاحتجاجات في سوريا، فأبناء الشعب السوري، شأنهم شأن التونسيين والمصريين والليبيين وغيرهم من أبناء الشعوب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يطالبون بحقوقهم العالمية التي طال حرمانهم منها ويرفضون حكومة تحكم من خلال الترهيب وتبدد مواهبهم عن طريق الفساد وتحرمهم من شرف أن يكون لهم صوت في تقرير مصيرهم. وهم يعملون على تنظيم أنفسهم بما في ذلك تشكيل لجان التنسيق المحلية ويرفضون التراجع والتنازل حتى في وجه العنف المتفجر.
وإذا كان الرئيس الأسد يعتقد أن الاحتجاجات هي من عمل محرضين من الخارج - كما ادعت حكومته - فإنه على خطأ. صحيح أن بعض الجنود السوريين قتلوا، ونحن نأسف لفقدان أرواحهم أيضا. لكن الأكثرية الساحقة من الإصابات والضحايا كانت بين المدنيين العزل من السلاح. ويسعى النظام من خلال استمراره في منع دخول الصحافيين الأجانب والمراقبين إلى إخفاء هذه الحقائق.
ثانيا، إن الرئيس الأسد يظهر وجهه الحقيقي من خلال تبنيه الأساليب القمعية التي تقوم بها حليفته إيران ويضع سوريا على مسار يحولها إلى دولة منبوذة.
إن الرئيس الأسد من خلال تبعيته لإيران، إنما يضع نفسه ونظامه في الجانب الخاطئ من التاريخ. إنه سوف يدرك أن الشرعية تنبثق من رضاء الشعب ولا يمكن أن تتحقق من خلال الرصاص والهراوات.
لقد أدت حملة القمع العنيفة التي يمارسها الرئيس الأسد إلى تقويض مزاعمه بأن يكون مصلحا. لقد قدم التعهدات والوعود لسنوات، ولكن كل ما يهم الآن هو أفعاله. إن أي خطاب، مهما صفق له بإخلاص المدافعون عن النظام، لن يغير من حقيقة أن أبناء الشعب السوري لم تتح لهم الفرصة أبدا لانتخاب قادتهم بحرية على الرغم مما قيل لهم بأنهم يعيشون في جمهورية. إن هؤلاء المواطنين يريدون رؤية انتقال حقيقي إلى الديمقراطية ويريدون حكومة تحترم حقوقهم العالمية وتطلعاتهم.
فإذا كان الرئيس الأسد يعتقد أنه يستطيع المضي في ما يقوم به دون عقاب لأن المجتمع الدولي يأمل في تعاونه في القضايا الأخرى، فهو أيضا مخطئ في هذا. ومن المؤكد أنه يمكن الاستغناء عنه وعن نظامه.
وقد تستطيع دولة سوريا أن تنعم بالوحدة والديمقراطية والتعددية وأن تلعب دورا إيجابيا ورائدا في المنطقة، ولكن سوريا في ظل الرئيس الأسد أصبحت مصدر زعزعة للاستقرار بصورة مطردة. فتدفق اللاجئين على تركيا ولبنان، وإذكاء التوترات في الجولان هما برهان يبدد التصور بأن النظام قلعة من الاستقرار الإقليمي يجب صونها.
أخيرا، إن الجواب على أهم تلك الأسئلة - ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لمستقبل سوريا؟ هو جواب يزداد وضوحا: إنه لا رجعة في ذلك.
لقد أدرك السوريون أن ممارسة العنف تعتبر دليل ضعف من جانب نظام يحكم بقوة الإكراه والقسر، لا بالرضا والموافقة. وبالتالي فقد تغلب الشعب السوري على مخاوفه وهز دعائم هذا النظام المستبد.
إن سوريا تتجه نحو نظام سياسي جديد والشعب السوري هو الذي يجب أن يصوغ هذا النظام. ومن حق هذا الشعب أن يصر على المحاسبة، ولكن ينبغي عليه أن ينأى بنفسه عن أي إغراء بالاقتصاص أو الانتقام مما قد يقسم البلد، بل أن يتكاتف بدلا من ذلك لبناء سوريا ديمقراطية تنعم بالسلام والتسامح.
وبعد اعتبار الأجوبة عن كل هذه الأسئلة، فإن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب السوري وحقوقه العالمية. ونحن نشجب تجاهل نظام حكم الأسد لإرادة مواطنيه والتدخل الماكر لنظام الحكم الإيراني.
لقد فرضت الولايات المتحدة بالفعل عقوبات على كبار المسؤولين السوريين، بمن فيهم الرئيس الأسد. ونحن نستهدف بعناية قادة حملة القمع والبطش وليس الشعب السوري. وقد رحبنا بقرارات الاتحاد الأوروبي فرض عقوباته الخاصة وقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الشروع في تحقيق في الانتهاكات والإساءات. وسوف تواصل الولايات المتحدة التنسيق عن كثب مع شركائنا في المنطقة وحول العالم لتكثيف الضغط على نظام حكم الأسد وعزله أكثر فأكثر.
ولن يكف الشعب السوري عن المطالبة بالكرامة وبمستقبل متحرر من الترهيب والخوف. إنه يستحق حكومة تحترم شعبها وتعمل على بناء وطن أكثر استقرارا ورخاء، ولا تضطر إلى التعويل على القمع في الداخل والنعرة المعادية في الخارج لتحكم قبضتها على السلطة. إن الشعب السوري يستحق وطنا يكون موحدا وديمقراطيا وقوة إلى جانب الاستقرار والتقدم. وهذا أمر حميد لسوريا وحميد للمنطقة وحميد للعالم أجمع.
* وزيرة الخارجية الأميركية
الشرق الأوسط
لقد انضم المجتمع الدولي إلى السوريين في حزنهم على موت الكثيرين من الناس الأبرياء بمن فيهم الصبي البالغ من العمر 13 عاما الذي عذب بوحشية وشوه. فقد بلغ عدد القتلى منذ بدء الاحتجاجات ما يقدر بنحو ألف وثلاثمائة سوري. وتم حبس عدة آلاف وتعرضوا لسوء المعاملة. وطوقت قوات الأمن السورية المجتمعات الأهلية وقطعت عنها الكهرباء والاتصالات والإنترنت. وتباطأ النشاط الاقتصادي وأصبحت البلاد تعاني عزلة متزايدة، بينما يتزايد شعور المواطنين بالإحباط وخيبة الأمل يوميا.
وقد ردد الرئيس أوباما في خطابه الذي ألقاه يوم 19 مايو (أيار) مطالب المتظاهرين الأساسية المشروعة، وهي أن على حكومة الأسد أن تكف عن إطلاق النار على المتظاهرين، وأن تسمح بالاحتجاج السلمي، وتطلق سراح السجناء السياسيين، وأن تتوقف عن الاعتقالات المجحفة، وتمكن العاملين على رصد الحقوق الإنسانية من الوصول، وأن تبدأ حوارا شاملا لدفع عجلة التقدم إلى التحول الديمقراطي. وبإمكان الرئيس الأسد أن يختار إما أن يقود عملية الانتقال وإما أن يتنحى ويخلي لها السبيل.
ومن الواضح بشكل متزايد أن الرئيس الأسد قد اتخذ خياره. ولكن بينما قد يمكنه استمرار الوحشية من تأخير التغيير الجاري في سوريا، إلا أنه لن يعكسه عن مجراه.
إن علينا في الوقت الذي يستجيب فيه جيران سوريا والمجتمع الدولي لهذه الأزمة، أن نسترشد بالإجابات عن عدد من التساؤلات المهمة وهي: لماذا ثارت؟ وما الذي تكشفه التدابير الصارمة عن الرئيس الأسد ونظامه؟ وإلى أين تتجه سوريا من هنا؟
أولا، ينبغي ألا يكون هناك أي شكل في طبيعة الاحتجاجات في سوريا، فأبناء الشعب السوري، شأنهم شأن التونسيين والمصريين والليبيين وغيرهم من أبناء الشعوب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يطالبون بحقوقهم العالمية التي طال حرمانهم منها ويرفضون حكومة تحكم من خلال الترهيب وتبدد مواهبهم عن طريق الفساد وتحرمهم من شرف أن يكون لهم صوت في تقرير مصيرهم. وهم يعملون على تنظيم أنفسهم بما في ذلك تشكيل لجان التنسيق المحلية ويرفضون التراجع والتنازل حتى في وجه العنف المتفجر.
وإذا كان الرئيس الأسد يعتقد أن الاحتجاجات هي من عمل محرضين من الخارج - كما ادعت حكومته - فإنه على خطأ. صحيح أن بعض الجنود السوريين قتلوا، ونحن نأسف لفقدان أرواحهم أيضا. لكن الأكثرية الساحقة من الإصابات والضحايا كانت بين المدنيين العزل من السلاح. ويسعى النظام من خلال استمراره في منع دخول الصحافيين الأجانب والمراقبين إلى إخفاء هذه الحقائق.
ثانيا، إن الرئيس الأسد يظهر وجهه الحقيقي من خلال تبنيه الأساليب القمعية التي تقوم بها حليفته إيران ويضع سوريا على مسار يحولها إلى دولة منبوذة.
إن الرئيس الأسد من خلال تبعيته لإيران، إنما يضع نفسه ونظامه في الجانب الخاطئ من التاريخ. إنه سوف يدرك أن الشرعية تنبثق من رضاء الشعب ولا يمكن أن تتحقق من خلال الرصاص والهراوات.
لقد أدت حملة القمع العنيفة التي يمارسها الرئيس الأسد إلى تقويض مزاعمه بأن يكون مصلحا. لقد قدم التعهدات والوعود لسنوات، ولكن كل ما يهم الآن هو أفعاله. إن أي خطاب، مهما صفق له بإخلاص المدافعون عن النظام، لن يغير من حقيقة أن أبناء الشعب السوري لم تتح لهم الفرصة أبدا لانتخاب قادتهم بحرية على الرغم مما قيل لهم بأنهم يعيشون في جمهورية. إن هؤلاء المواطنين يريدون رؤية انتقال حقيقي إلى الديمقراطية ويريدون حكومة تحترم حقوقهم العالمية وتطلعاتهم.
فإذا كان الرئيس الأسد يعتقد أنه يستطيع المضي في ما يقوم به دون عقاب لأن المجتمع الدولي يأمل في تعاونه في القضايا الأخرى، فهو أيضا مخطئ في هذا. ومن المؤكد أنه يمكن الاستغناء عنه وعن نظامه.
وقد تستطيع دولة سوريا أن تنعم بالوحدة والديمقراطية والتعددية وأن تلعب دورا إيجابيا ورائدا في المنطقة، ولكن سوريا في ظل الرئيس الأسد أصبحت مصدر زعزعة للاستقرار بصورة مطردة. فتدفق اللاجئين على تركيا ولبنان، وإذكاء التوترات في الجولان هما برهان يبدد التصور بأن النظام قلعة من الاستقرار الإقليمي يجب صونها.
أخيرا، إن الجواب على أهم تلك الأسئلة - ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لمستقبل سوريا؟ هو جواب يزداد وضوحا: إنه لا رجعة في ذلك.
لقد أدرك السوريون أن ممارسة العنف تعتبر دليل ضعف من جانب نظام يحكم بقوة الإكراه والقسر، لا بالرضا والموافقة. وبالتالي فقد تغلب الشعب السوري على مخاوفه وهز دعائم هذا النظام المستبد.
إن سوريا تتجه نحو نظام سياسي جديد والشعب السوري هو الذي يجب أن يصوغ هذا النظام. ومن حق هذا الشعب أن يصر على المحاسبة، ولكن ينبغي عليه أن ينأى بنفسه عن أي إغراء بالاقتصاص أو الانتقام مما قد يقسم البلد، بل أن يتكاتف بدلا من ذلك لبناء سوريا ديمقراطية تنعم بالسلام والتسامح.
وبعد اعتبار الأجوبة عن كل هذه الأسئلة، فإن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب السوري وحقوقه العالمية. ونحن نشجب تجاهل نظام حكم الأسد لإرادة مواطنيه والتدخل الماكر لنظام الحكم الإيراني.
لقد فرضت الولايات المتحدة بالفعل عقوبات على كبار المسؤولين السوريين، بمن فيهم الرئيس الأسد. ونحن نستهدف بعناية قادة حملة القمع والبطش وليس الشعب السوري. وقد رحبنا بقرارات الاتحاد الأوروبي فرض عقوباته الخاصة وقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الشروع في تحقيق في الانتهاكات والإساءات. وسوف تواصل الولايات المتحدة التنسيق عن كثب مع شركائنا في المنطقة وحول العالم لتكثيف الضغط على نظام حكم الأسد وعزله أكثر فأكثر.
ولن يكف الشعب السوري عن المطالبة بالكرامة وبمستقبل متحرر من الترهيب والخوف. إنه يستحق حكومة تحترم شعبها وتعمل على بناء وطن أكثر استقرارا ورخاء، ولا تضطر إلى التعويل على القمع في الداخل والنعرة المعادية في الخارج لتحكم قبضتها على السلطة. إن الشعب السوري يستحق وطنا يكون موحدا وديمقراطيا وقوة إلى جانب الاستقرار والتقدم. وهذا أمر حميد لسوريا وحميد للمنطقة وحميد للعالم أجمع.
* وزيرة الخارجية الأميركية
الشرق الأوسط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق